وضعية المرأة

موضوع: وضعية المرأة 21/8/2007, 7:21 pm

تؤكد الشواهد المعاصرة أن قضية المرأة ليست مجرد قضية نظرية يمكن تناولها في إطار التوجهات السياسية والأيديولوجية لتحديث المجتمعات العربية فحسب، بل يلاحظ تميزها وخصوصيتها النوعية مقارنة بسائر القضايا المجتمعية الأخرى، مثل: قضايا الاستقلال السياسي أو التحرر الاقتصادي أو الذاتية الثقافية، فهي قضية تتشابك مع كل هذه القضايا وتنفرد بسمات نوعية ذات جذور تاريخية تتعلق بالنسق الثقافي والقيمي وتقسيم العمل والأدوار الاجتماعية بين الرجل والمرأة واستمرارية ورسوخ الأعراف وتأثير الدعوات الفكرية على خلخلة نسق القيم التقليدي المسيطر في المجتمعات العربية، فإن العامل الحاسم في تغيير وضعية النساء يكمن في التغييرات الجوهرية التي لا بد أن تتناول البنية التحتية للمجتمعات العربية بكل مكوناتها المادية المعاصرة والموروثة.

ولقد تعاظم الاهتمام بقضايا المرأة في مختلف أنحاء العالم بانتهاء عقد المرأة الأول (1975 – 1985) الذي شهد إقرار الأمم المتحدة للاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في ديسمبر 1979 وانضمت 116 دولة حتى نهاية عام 1992. وفي إطار هذا الاهتمام الدولي صدرت العديد من التشريعات لتحسين أوضاع المرأة في كثير من الدول استجابة لنداءات الأمم المتحدة. كما أنكب الدارسون لإعداد الدراسات حول أوضاع المرأة وأدوارها. وبزغ مند ذلك التاريخ داخل الحقل المعرفي للعلوم الاجتماعية - في إطار اهتمامها بقضية المرأة - العديد من المفاهيم التي أصبحت متداولة وشائعة على الصعيد العالمي مثل المشاركة والتمكين بأبعادها السوسيواقتصادية والثقافية ورغم أهمية هذه المفاهيم وما يدور حولها من جدل على الصعيد العالمي والغربي بصفة خاصة إلا أنها تحمل دلالات ومضامين تختلف باختلاف الميراث التاريخي والسياق المجتمعي والأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية التي تحدد مكانة المرأة وأدوارها في المجتمعات الغربية والتي تختلف جذريًّا عن المجتمعات العربية وعلى الأخص المجتمع المصري. فالمرأة المصرية قد خضعت في مسيرتها التاريخية لمجموعة من الثوابت والمتغيرات حددت مكانتها الاجتماعية وهويتها الثقافية وأدوارها الاقتصادية والسياسية. وتشير الدراسات إلى أن التكوين الأول للوجود المصري قام على أساس المشاركة الكاملة للمرأة في العمل، ومن ثم كانت مساواتها التامة بالرجل كأثر لوجودها الفعال على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وقد تجلت هذه المساواة في كافة مجالات الحضارة المصرية القديمة حيث حكمت أول ملكة في التاريخ وبرزت معانٍ: آلهة للعدالة، وإيزيس رمز الخير والفضيلة. ولم تشر الأدبيات الفرعونية إلى أي صورة من صور سيادة الرجل على المرأة، غير أن هذه الصورة المشرقة لم تستمر طويلا؛ إذ تعرضت مكانة المرأة المصرية لتغيرات جذرية نتيجة الاحتكاك بشعوب وثقافات لم تكن تحمل للمرأة تلك النظرة المصرية التي تضعها على قدم المساواة مع الرجل تأسيسًا على مشاركتها الفعلية في الإنتاج وصنع الحضارة. وقد حمل الفتح العربي لمصر في القرن السابع الميلادي الكثير من القيم البدوية والقبلية التي فرضت رؤيتها المتدنية للمرأة والتي طُرحت في سياق ديني مما أكسبها الكثير من القداسة والشرعية، وجاءت الحقبة العثمانية كي تضيف المزيد من القيود التي أسهمت في انحدار مكانة المرأة إلى أدنى درجة. وفي هذا السياق استمرت المرأة المصرية تواصل أداء دورها ومسئولياتها التقليدية داخل الأسرة في المدن، كما ظلت تشارك الرجل في تحمل أعباء العمل والإنتاج في الريف ولكن في إطار الإهدار الكامل لحقوقها وعدم الاعتراف بأدوارها وإسهاماتها الاجتماعية والاقتصادية.

وقد شهدت مصر منذ نهضتها الحديثة في القرن التاسع عشر بروز نمطين من العلاقات والقيم الاجتماعية والثقافية تمثل أولهما في النمط التقليدي الذي يقوم على توازن العصبيات وثقافة الموروث الديني؛ حيث لا وجود حقوقي أو سياسي للمواطن الفرد سواء أكان رجلا أم أمراه خارج إطار العصبية القائم على العائلة أو العشيرة وحيث تسود القيم الثقافية المتوارثة والتي تدور في جوهرها على ما استقر من مفاهيم جرى تصويرها على أنها مفاهيم دينية. ويعبر هذا النمط عن نظام تقسيم العمل الاجتماعي الذي تتميز به المجتمعات غير الصناعية ويتفاوت بين كل من البيئات البدوية والزراعية في الوطن العربي؛ حيث يلعب الرجل دور المنتج والمقاتل والفلاح في علاقة مباشرة مع العلم الخارجي، في حين تنكفئ المرأة داخل الأسرة كعنصر استهلاكي وينفرد الرجل داخل هذا النمط بالأولوية ضمن نظام القيم السائدة فيما تشكل المرأة أحد المحرمات المقدسة وتنحصر حدود فعلها الاجتماعي في أدوار: الأم والأخت والزوجة والابنة. ويتجسد ثانيهما في النمط الأوروبي الوافد الذي بدأ يتغلغل في البلاد العربية في نهاية القرن الثامن عشر واتخذ أشكالاً تاريخية متباينة ومتنوعة عبر الاحتكاك السياسي والاقتصادي والعلمي في إطار محاولات الدول الأوروبية الكبرى للسيطرة على الإمبراطورية العثمانية التي كنا جزءًا منها حتى أوائل هذا القرن. وأفرز هذا الاحتكاك نظامًا قيميًّا وافدًا انعكس على شتى المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية التعليمية. كما حدد الصراع المستمر بين هذين النمطين مسار كل من المرأة والرجل العربي ضمن السياق المجتمعي العام الذي خصصت له المجتمعات العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر، حيث أصبح الصراع سافرًا بين نمط غربي وافد تغلغل داخل النسيج الثقافي والاجتماعي العربي وبين نمط تقليدي يدافع عن مصالحه السياسة وهويته الثقافية ولا يستطيع تجاهل التفوق العلمي والتكنولوجي الذي يتميز بهما الغرب، وقد اتخذت المواجهة بين هذين النمطين أشكالاً متعددة اختلفت باختلاف المراحل التاريخية التي مر بها العالم العربي وعبرت عن نفسها سياسيًّا في تراث حركة التحرر الوطني العربية التي انتزعت بعض المكاسب السياسية الشكلية وتمثلت في الاستقلال الوطني وبقيت الهيمنة الاقتصادية الغربية وإن تدثرت بأثواب معاصرة مباشرة على قضية المرأة العربية باعتبارها أحد المحكات التي تتميز بشفافية خاصة داخل النسق الثقافي والقيمي السائد. وأسفر هذا الصراع عن بروز ثلاث اتجاهات رئيسية ما زالت تتعايش وتتصارع حتى الآن في مواجهة حادة لم تحسم فصولها بعد إزاء مختلف القضايا الحياتية المعاصرة وفي قلبها قضية الوطن العربي

موضوع: رد: وضعية المرأة 10/4/2008, 12:41 am

merci beaucoup mon frere

» المرأة كنز
» المرأة العوجاء!
» رسالة المرأة في الحياة
» رسالة المرأة في الحياة
» مفتي مصر ينفي تحريمه رئاسة المرأة للدولة